بقلم:-
⭕ المستشار الاقتصادي
عبد المهدي المظفر
رئيس مركز الخيال الدولي لرجال الاعمال
⭕ مع تسارع ألأحداث ووصول فيروس كورونا درجته العالمية من حيث التهديد والخطر الذي بات يفرض نفسه بقوة، ووقوف الإنسان عاجزا على وقف مد هذه الكارثة، أصبح لزاما تناول الاثار السلبية لهذا التهديد على قطاع السياحة والذي يعد من القطاعات المهمة لتحريك عجلة الاقتصاد العراقي والنتائج لتوقفه لابد أنها كارثية بكل المقاييس، لابد أيضا من التنبه لضرورة إيجاد خطة بديلة تنقذ المستثمرين والعاملين في هذا القطاع، وخصوصا اننا لازلنا نعيش فترة التعافي من الارهاب وخطر داعش وما زلنا نعيش الفرحة بالاستثمارات الجديدة فيما يخص افتتاح فنادق جديدة في العاصمة بغداد وفي النجف وكربلاء واقليم كردستان العراق والأطراف بغرض استيعاب الحجوزات الكبيرة التي كانت متوقعة قبل وصول الكارثة.
من هنا لابد من القول أن القطاع السياحي هو عملية تشاركية ناجحة ما بين القطاع الخاص والعام، ينتج عنها عمل جماعي هدفه اشباع رغبات ضيوف العراق والارتقاء بالخدمات الرئيسية والمساندة، من أجل ضمان تجاوز توقعات هؤلاء الزوار وتحويلهم لزبائن دائمين ومسوقين حقيقين للوجهة السياحية.فضلا عن ادخال العملة الصعبة للبلد ويمثل القطاع العام في هذه الشراكة فعليا وزارة الثقافة والسياحة وهيئة ألسياحة بينما يمثل القطاع الخاص في إدارة شؤون القطاع السياحي الجمعيات السياحية المتخصصة ورابطة الشركات والفنادق السياحية
إن من التدابير الأولية التي يجب اعتمادها بعد انتهاء الأزمة هو التخطيط لاعادة تنشيط جميع القطاعات الصناعية بعد ان سقطت الرهانات بالاعتماد على النفط فقط لملئ الخزانه البنكية من العملة الصعبة ومنها قطاع السياحة وأهميتها وفعالياتها المختلفة على المدى القصير جدًا. ومنها
قطاع الفندقة والضيافة / والحجوزات الفندقية
قطاع شركات السياحة ووكالات السفر
قطاع المطاعم
قطاع السياحة الصحية والاستطباب
قطاع السياحة الرياضية
قطاع سياحة الاعمال والمعارض التجارية المحلية والمؤتمرات الدولية
قطاع سياحة الاثار
قطاع السياحة الدينية
ونرى أن إعادة التنشيط يجب أن تتم من خلال تعزيز السياحة المحلية الداخلية وجعل العراقيين يُعيدون استكشاف سحر العراق ومؤهلاته السياحية وذلك
بتشجيع السياحة الدينية الداخلية والعلاجية مع احتياطات الوقاية من انتشار المرض .
يجب اعتماد مقاربة جديدة بتغيير الإستراتيجية التي تعوَّد عليها الشركات السياحية ووكالات السفر بتركيز أكثر على اجتذاب السياح المحليين ، ووضع الهدف على أولئك المسافرين الذين ينفقون أكثر في سفرهم داخل العراق ، وذلك بإعطاء السائح العراقي القيمة والمكانة التي يستحقها، وتنويع العرض السياحي الداخلي وخلق تحفيزات لتشجيعه على مزيد من الاستهلاك.
ونؤكد أن “الصناعة السياحية ستحتاج إلى إعادة التفكير في الآليات التي يمكن وضعها لاستعادة ثقة المسافرين، واستعادة الطلب، وتغيير الوضع الحالي للسياحة، لأن استئناف القطاع لأنشطته سيساعد على إنقاذ اقتصاد ما بعد COVID-19″.
و خلال فترة الانتقال إلى الوضع الطبيعي في الأشهر المقبلة ستكون هناك حاجة إلى تدابير صحية واقتصادية جديدة لطمأنة السائح المسافر ومنحه الهدوء والثقة، إذ إن الآلاف من الناس سوف يتجنبون السفر والإنفاق على الأنشطة الترفيهية والاستهلاكية.
و أن العديد من الناس سوف يتوقفون عن السفر خشية الإصابة بالعدوى، وأضيف”عدو قطاع السياحة ليس فقط الفيروس الذي أغلق جميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، بل أيضاً الأزمات النفسية التي يشكل عنصر الخوف جزءاً كبيراً منها”.
المطلوب اليوم “استعادة عافية القطاع رهينة بزوال عامل الخوف من السفر، فهو في حد ذاته عامل معرقل لقطاع شديد الحساسية كقطاع السياحة”، و “في هذه الحالة سيتعين على وزارة السياحة أن تعمل جنباً إلى جنب مع وزارة الصحة لتنفيذ تدابير الرعاية والوقاية لمنع انتشار وباء جديد، كما فعلت سابقاً مع الدوائر الأمنية لمكافحة الآثار السلبية للإرهاب على القطاع” السياحي .
ونرى ان اعادة النظر في مرحلة ما بعد الحجر الصحي التي يمر بها العراق وكل البلدان ألعالمية التي تشكل مَصدر تصدير للسياح مثل (ايران ودول الخليج وأفغانستان وباكستان ودول اوربا …) حيث شمل الحجر معه قيود جوية وإغلاق الحدود والفنادق، ما جعل السفر مستحيلاً، فهل من الممكن أن نحظى بفرصة في المستقبل القريب على الترويج التكتيكي لجميع المرافق السياحية.
ويتوجب، أن يتم الترويج للوجهات السياحية مستقبلاً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وتحفيز السكان وتشجيعهم على السفر الداخلي بمجرد انتهاء الأزمة، على العودة إلى الوضع الطبيعي، واستئناف تلك الرحلات الملغاة، وأخيراً التمتع بالعطل وحتى القصيرة منها مجدداً سيكون دافعاً نفسياً للأشخاص الذين هم الآن في الحجر الصحي”. و على الاستمرار في إبلاغ المعنيين بالإجراءات والتدابير المتخذة لاحتواء الأزمة.
كما يتوجب على مكاتب ترويج السياحة، والشركات الخاصة في القطاع، والمهنيين، والباحثين الأكاديميين، العمل على مواجهة هذه التحديات بطريقة منسقة ومركزة لتجنب انهيار أحد محركات الاقتصاد الوطني.
وعلى نحو مماثل، يتعين على شركات السياحة أن تتعاون من أجل استعادة ثقة المستهلك في الاقتصاديات المحلية والإقليمية بعد الأزمة، خاصة أن التدابير الاقتصادية مازالت قيد النظر والمراجعة من قبل الحكومة، لذا فمن الضروري التفكير على المدى المتوسط.
وتُساهم السياحة بشكل كبير في خلق الثروة والحد من البطالة، وهي ثاني أكبر قطاع مساهم في الناتج الوطني الإجمالي (11 في المائة)، كما تعتبر أهم قطاع مشغل لليد العاملة التي تزيد عن 550000 وظيفة مباشرة، أي ما يقارب 5 في المائة من فرص العمل المتاحة على المستوى الاقتصادي ككل.
وقد كان لانتشار الفيروس كورونا أثر على السياحة منذ وصوله إلى العراق، حيث تضاعف إلغاء الحجوزات في الفنادق وفي شركة طيران الخطوط العراقية والخطوط الاخرى الاجنبية وتقدر الخسائر الحالية بعشرات الملايين الدولارات وفقدان ما لا يقل عن مائة ألف زائر في شهر مارس. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم في الاشهر القادمة
عالميا لم يتمكن خبراء القطاع من تقدير الخسائر التي سببها هذا الفيروس بشكل دقيق والتي تجاوزت حدود المعقول ماديا، وسيكون لها بكل تأكيد تأثيرات وانعكاسات أكثر ضررا من الناحية الاجتماعية فيما يخص ارتفاع نسب البطالة بسبب إغلاق المنشآت السياحية وتوقف حركة الاستثمارات نتيجة لتوقف حركة التدفقات السياحية عالميا خوفا من انتشار المرض؛ فيروس كورونا أصبح مهددا رئيسا لقطاع السياحة ونتائجه الكارثية المتوقعة محليا يمكن اجمالها بما يلي:
اولا: توقف حركة الاستثمارات السياحية على المدى القصير.
ثانيا: توقف تدفق السياحة القادمة بشكل كامل تقريبا خصوصا من المقاصد السياحية التي سجلت اعدادا كبيرة من الإصابات.
ثالثا: إغلاق بعض المنشآت السياحية وخصوصا الفنادق والمطاعم السياحية والبازارات السياحية.
رابعا: توقف عمل الشركات السياحية بشكل كامل وتسريح معظم العاملين فيها .
خامسا: توقف قطاع النقل السياحي بشكل كامل، والذي سيتأثر بسبب الفيروس بشكل كبير نظرا لتوقف التدفقات السياحية وإغلاق حدود ايران ، مما يعني أن رحلات الزيارات الدينية متوقفة بشكل كامل
سادسا: تسريح العاملين في الفنادق والمطاعم السياحية والمنشآت السياحية، او على اقل تقدير منحهم اجازات مفتوحة.
الاهم من كل ذلك أن تعافي القطاع على المدى المنظور سيكون صعبا، حيث أن نسبة الحجوزات للموسم القادم تكاد تكون معدومة مايعنى استمرار معاناة العاملين في قطاع السياحة كما يستدعي تدخلا حكوميا من اجل انقاذ القطاع من خلال برنامج عمل واضح وضمن آليات عمل ومؤشرات أداء تطمئن المستثمر وتأخذ بيد العاملين حيث أن قانون السياحة يمنع بعض القطاعات السياحية كإدلاء السياح وشركات السياحة من ممارسة أي عمل آخر وهو ما يفرض على الوزارة إيجاد البديل لهم في ظل ظروف قاهرة للجميع.
يجب ان لاننسى ان الغاية الأسمى لنا جميعا هي إيقاف امتداد الفيروس وهو هدف قامت الحكومة العراقية بتبنيه تفاديا لحصول الاسوأ من خلال اشتراط الحصول على شهادة طبية تثبت خلو حاملها من أعراض المرض بهدف تسهيل دخولهم العراق وهو أجراء تم تبنيه حديثا لبعض الاسواق كالسوق الايرانية والخليجية . بالمقابل يجب على هذه الدول التي تم حضر رعاياها دخول الاراضي العراقية الا ضمن شروط الحصول على هذه الشهادة القيام بإجراء سريع وفعال يضمن حصول الراغبين من رعاياها بزيارة العراق على هذه الشهادة بكل سهولة ويسر ما يضمن بالتالي تدفق الحركة السياحية بين العراق وهذه الدول حتى لو كان بالشكل اليسير.
ختاما، نتمنى على هيئة السياحة والاثار العامة القيام بالتعاون مع وزارة الخارجية بإرسال الخطابات الرسمية لسفارات الدول المعنية ومخاطبة دول العالم كافة من خلال السفارات العراقية و بعدة لغات للطلب منها ترجمة هذه الاجراءات الى واقع وبالسرعة الممكنة من أجل بث الرسائل الإيجابية عن العراق التي لازالت وبحمد الله صامدة أمام امتداد هذا الفيروس وخصوصا ان بعض هذه الدول كفرنسا ترفض أجراء الكشف الكبير عن المرض في حال عدم وجود الأعراض. كذلك فإن هيئة السياحة معنية جدا بالحوار الجاد والبناء مع جميع الأطراف وشركاء العمل من أجل الخروج بحلول مقنعة وعملية هدفها كبح آثار هذا الفيروس والتخفيف من حدة الخسائر التي مُنِي بها القطاع والأخذ بيد مستثمري هذا القطاع والعاملين به حتى لا تتفاقم النتائج السلبية ويحدث ما لا نحمد عقباه جميعا – لا قدر الله- وهو شلل قد يصيب قطاع السياحة برمته بسبب هذه الكارثة الصحية السياحية بأمتياز