شاكر عماره
تواصل د هدى احمد البابلى البحث فى مفردات اللحظات الحياتيه التى يعيشها المواطن المصرى وها هى دراسه جديده تقدمها::
يعد موضوع التباعد الاجتماعى وتقلص التفاعل والروابط الأسرية والاجتماعية فى ظل فيروس كورونا المستجد Covid 19 من أكثر المشكلات الاجتماعية التى ظهرت الآن على الساحة البحثية – نظراً لما تفرضه طبيعة المرحلة الراهنة والتى تؤثر وتتأثر بالأوضاع البيئية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية وتوصف عادة بالصفة المجتمعية لأنها بعيدة من ناحية الوقاية والعلاج عن متناول الأفراد أو حتى الجماعات، ولابد لحلها من تدخل المجتمع ممثلاً فى هيئاته ومؤسساته المسئولة وتضافرها مع الأفراد أما عن كيفية مواجهة فيروس كورونا المستجد سواء فى المجتمع المصرى أو المجتمعات العربية والأوروبية، فقد تختلف طرق مواجهة الفيروس باختلاف ثقافة المجتمعات سواء كانت ثقافة مادية أو معنوية حتى داخل المجتمع الواحد قد تتباين الثقافات الفرعية فى مواجهة تلك المشكلة وللحديث عن فيروس كورونا المستجد وتداعياته على الأسرة والمجتمع من كافة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والنفسية. لذا كان لزاماً علينا مناقشة هذا الموضوع خاصة فى عصرنا الراهن فى ضوء العوامل الآتية التى نذكرها على سبيل المثال وليس الحصر :
(1) دور وسائل الضبط الاجتماعى الرسمى وغير الرسمى :
يكمن الهدف الرئيسى لعملية الضبط الاجتماعى فى الوصول إلى الإتساق بين سلوك الفرد وبين المعايير القيمية الأساسية فى المجتمع. كونها ضرورية لاستقرار النظم والمؤسسات الاجتماعية. فوسائل الضبط الاجتماعى الرسمية والممثلة فى النظم القانونية تساعد فى الحفاظ على الحقوق العامة والخاصة وتحقيق أهداف المجتمع وغاياته وقد تلعب هذه الوسائل دوراً هاماً فى ضبط العادات والسلوك ونماذج التصرف وخاصة فى مصرنا الراهن وقد تفرض العقوبات على الأفراد فى حالة الخروج عن القيم والمعايير والقوانين أما عن وسائل الضبط غير الرسمى فقد تجسدها عملية التنشئة الاجتماعية والتى يتم عن طريقها غرس القيم والمعايير والعادات والتقاليد والأنماط السلوكية ونماذج التصرف فى الفرد من خلال الأسرة كأول جماعة ينتمى إليها الفرد.
من هنا يتبدى لنا أهمية دور وسائل الضبط الرسمى وغير الرسمى فى التصدى لهؤلاء الأفراد الذين يعيشون باستهتار ولا مبالاة وحرية لا حد لها فى ظل وجود هذا الوباء اللعين غير مبالين بخطورته وغير مهتمين بكافة الجهود التى تبذلها الدولة والإجراءات الاحترازية التى فرضتها الحكومة لمجابهة ذلك الفيروس للعين. لذا يأتى دور النظم القانونية الآن فى ردع هؤلاء المنحرفين الذين يسعون إلى الإضرار بصحة وحياة المواطنين المصريين.
(2) التباعد الاجتماعى وتقلص التفاعل الاجتماعى داخل المجتمع
فى عصر الكورونا تتباين الأسر داخل المجتمعات سواء كانت فى مجتمعات متقدمة أو نامية من حيث الإدراك ونماذج التصرف فى موضوع التباعد الاجتماعى، وقد تلعب الثقافة والمستوى الاجتماعى ودرجة الوعى الصحى بخطورة نشر العدوى واللجوء إلى التباعد الاجتماعى دوراً هاماً من خلال الابتعاد عن المشاركة فى المناسبات الاجتماعية أو تبادل الزيارات أو الخروج للتنزه أو السلام بالأيدى وغيرها من وسائل التواصل والعلاقات الودية.
(3) الخلافات الزوجية فى عصر الكورونا :
عندما تتناول بالدراسة أى مشكلة اجتماعية فإننا نركز على مقولة هامة وهى أن المشكلات الاجتماعية نسبية وليست مطلقة وأنها تختلف باختلاف المجتمعات والثقافات ودرجة التحضر. فالأسر التى يرتفع فيها المستوى التعليمى والثقافى للزوجين والتى يعمل فيها الزوج والزوجة قد تقل فيها الخلافات الزوجية نظراً لانشغال كل منهما بالعمل والأسرة فى تحقيق متطلبات العمل عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة عكس الأسرة التى لا تعمل بها الزوجة أو يعمل فيها الزوج بأعمال هامشية تساعد على وجود وقت فراغ أكبر عند الزوجين.
(4) صلة الرحم :
قد ترتفع معدلات التفاعل الأسرى والحرص على صلة الرحم حتى فى وقت الحظر والحجر المنزلى وذلك لاتباع وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة على سبيل المثال : الواتس آب – الفيس بوك – دردشة الفيديو – الرسائل الصوتية … إلخ.
(5) الحفاظ على الوزن المثالى للجسم واتباع نظام غذائى صحى :
يتوقف هذا العنصر على نمط شخصية الفرد وتنشئته الاجتماعية فهناك أشخاص تعتبر تناول الطعام متعة ذاتية تحقق بها سد الجوع والتغلب على وقت الفراغ وتتعدد الفترات الزمنية المخصصة لتناول الطعام على مدار اليوم بغض النظر عما يسببه ذلك من زيادة بالوزن عكس أشخاص آخرين قد يكون لديهم الوعى الكاف بضرورة اتباع نظام غذائى صحى للحد من ازدياد الوزن أثناء فترة الحجر المنزلى الذى قد تطول أو تنتهى، ويتوقف ذلك على إرادة الفرد ووعيه الصحى والغذائى.
(6) الحالة النفسية للأفراد :
أما عن تداعيات فيروس الكورونا المستجد على الحالة النفسية للفرد فيما لا شك فيه أن هناك عدد عوامل توضح لنا تلك القضية فعلى مستوى الصحة النفسية نجد أن هناك بعض الأسر التى اعتادت على الحجر المنزلى وحتى وإن لم يكن هناك وباء فهذه السمة وهى الجلوس بالمنزل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة هؤلاء الأفراد وعاداتهم وأنماط سلوكهم. أما الأسر التى اعتادت على النزول للعمل والحركة والنشاط والمشاركة فى المناسبات والواجبات الاجتماعية والأسرية فقد تتأثر سلباً بطول فترة الحجر المنزلى. وتبدأ فى اللجوء إلى وسائل أخرى للتواصل الاجتماعى لاستثمار طاقاتها وأوقات فراغها.
يمكن القول أن ما يسود البيئة من مشكلات فى المجتمع يدعو إلى الحذر وتشديد الرقابة فى المجتمع مع تغير أنماط القيم السائدة من الفردية وعدم المبالاة، والمصلحة الشخصية إلى العمل على غرس قيم المواطنة والانتماء للوطن والتعاون مع مؤسسات الدولة وهيئاتها.