-مصر الوطن tv–
توقع المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة أن يؤدي الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا إلى 7 تحولات داخلية وخارجية، أولاها إخضاع المؤسسة العسكرية، حيث تكشف المؤشرات الأولية لسياسات حكومة العدالة والتنمية عن اتجاهها للهيمنة المطلقة على المؤسسة العسكرية بحيث تصبح تابعة بصورة كاملة للرئاسة التركية ولحزب العدالة والتنمية من خلال إقالة كافة القيادات العسكرية التي لا تتبنى النهج الأيديولوجي للحزب واستبدالهم بقيادات موالية للحزب، بالإضافة إلى إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية من الداخل وتغيير عقيدتها العسكرية بصورة شاملة واستغلال حالة الضعف والانكسار في صفوف المنتمين للمؤسسة العسكرية لحسم السيطرة الكاملة عليها، حيث تصاعدت منذ اليوم الأول عمليات القبض على قيادات عسكرية متعددة بدعوى دعمها للانقلاب أو انتمائها للتنظيم الموازي بقيادة فتح الله غولن على الرغم من عدم إثبات هذه الاتهامات.
ورجح المركز – في دراسة اليوم الاثنين – أن تركز قيادات العدالة والتنمية على إنهاء الاستقلالية المؤسسية للجيش وتغيير العقيدة العسكرية التي تمنح الجيش دورًا في حماية قيم الجمهورية العلمانية والسماح لخريجي المدارس الدينية بالانضمام للكليات العسكرية، وهو ما كان محظورًا في فترات سابقة، فضلا عن تشديد الرقابة على موازنة المؤسسة العسكرية وتغيير كافة التشريعات التي تقر استقلالية الجيش في إدارة قواته والتأكيد على تبعية رئيس الأركان لوزير الدفاع ورئيس الجمهورية بصورة كاملة.
وعلى المستوى المؤسسي، ستقوم الحكومة التركية بتوسيع نطاق صلاحيات المؤسسة الأمنية والارتقاء بمستويات تسليحها وتدريبها لتصبح أقرب لجيش موازٍ وقوات شبه عسكرية لمواجهة احتمالات تكرار سيناريو الانقلاب العسكري وتحقيق التوازن العسكري بين الجيش والأمن.
ولفت المركز إلى أن ثاني التحولات المتوقعة – بحسب الدراسة – مركزية مؤسسة الرئاسة فمن المرجح أن يتجه رجب طيب أردوغان لاستغلال حالة الاصطفاف الشعبي للتصدي لمحاولة الانقلاب العسكري وتصاعد دعم الرأي العام لحكومة حزب العدالة والتنمية في تغيير التراتبية المؤسسية في النظام السياسي لصالح مؤسسة الرئاسة بصورة نهائية من خلال إيجاد آليات لإخضاع القضاء للرئاسة وتوسيع نطاق الصلاحيات التشريعية والتنفيذية لرئيس الجمهورية.
وأشارت الدراسة إلى أنه يستدل على هذه الاتجاهات بقرارات إقالة 5 من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء البالغ عددهم 22 عقب انتهاء محاولة الانقلاب العسكري وإعلان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم عن وجود اتجاهات لتعديل الدستور التركي لتشديد العقوبات المفروضة على الانقلابات العسكرية لتصل إلى الإعدام ووضع آليات لضمان عدم تكرار الانقلابات العسكرية.
وأوضحت الدراسة أن ثالث التحولات: تفكيك المعارضة السياسية، فعلى الرغم من دعم أحزاب المعارضة التركية لحزب العدالة والتنمية وإعلانها رفض الانقلاب العسكري، فإن أردوغان قد يستغل الزخم المتصاعد عقب إخفاق محاولة الانقلاب في إضعاف وفرض ضغوط على بعض المعارضين الأكثر مناوئةً لحزب العدالة والتنمية من خلال اتهامهم بالتورط في محاولة الانقلاب والانتماء للتنظيم الموازي التابع لفتح الله غولن، وهو الاتهام الذي سيتم توظيفه كمسوغ قانوني لتصفية المعارضين ومواجهة وسائل الإعلام والصحف المعارضة لحزب العدالة والتنمية، ويمكن اعتبار سيناريو التخلص من فتح الله غولن وحركة الخدمة التي كانت حليفة لحزب العدالة والتنمية قابلا للتكرار في مواجهة أقطاب المعارضة السياسية.
ولفتت الدراسة إلى أن التحول الرابع المتوقع هو مراجعة وضع الأكراد، فلم تتضح بعد اتجاهات التحول في سياسات أردوغان في مواجهة الأكراد، حيث أن انهيار المصالحة بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني التي تمت في عام 2013، وتجدد الاشتباكات بين الجيش وحزب العمال الكردستاني ارتبط بمحاولات أردوغان استرضاء قيادات المؤسسة العسكرية لدعم أردوغان في مواجهة حركة الخدمة وعبدالله غولن منذ عام 2015، وقد يدفع تركيز أردوغان على ترتيب الأوضاع الداخلية إلى محاولة التوصل لهدنة أومصالحة مؤقتة مع حزب العمال الكردستاني، أما السيناريو البديل فيتمثل في تصعيد المواجهات العسكرية مع الأكراد لصرف الانتباه الداخلي عن التحولات المؤسسية الجوهرية الهادفة للهيمنة على النظام السياسي، إلا أن حالة الضعف والانقسام في صفوف الجيش وتدني الروح المعنوية قد تضعف من احتمالية هذا السيناريو.